الحلقة الثانية من تاريخ الضياغم

بسم الله الرحمن الرحيم
( عرار و عمير )
بعد مارأينا في القصة الأولى ماحصل بين عمير بن راشد وعرار بن شهوان أبناء العم من تحدي ( وهكذا دائما أبناء العمومة ) .
قد زوج كل منهما أخته الآخر. زوج عمير أخته عميرة لعرار, وزوج عرار أخته ميثاء لعمير . ولكن ذلك لم يمنعهما من الإغارة كل منهما على الآخر بين وقت وآخر.
وكان عرار بن شهوان يتفوق على عمير بن راشد بواسطة حصانه الأصيل ( مشهور ) وهو من خيول العرب الأصيلة المعروفة في بلاد العرب فأمه الطفوح وأبوه الأدهم (دهم شهوان )كما قال عرار بالقصيدة السابقة

أمه الطفوح كما البارق يلوح===وابوه الأدهـم مـع الأولات

لولا حصاني وقـوة بنانـي===غدا بي حصاني مع الطايرات

وحصان عرار يلحق ولا يلحق والذي أثار إعجاب القوم , وأثار غيظ عمير فشكا لأخته زوجة عرار وفاتحها في أمنيته قائلا لها :
نبغى نلقح خيلنا من حصان عرار ( مشهور )
ولكن عرار كان شديد الحرص على حصانه ولايغفل عنه لحظة , ويقوم بنفسه على شؤونه ولايسمح لأحد بأن يقترب منه
وذات ليلة تحايلت عميرة على زوجها عرار وطلبت منه أن يسمح لها برعاية حصانه تلك الليلة وألحت بالطلب حتى أجابها عرار إلى رغبتها .
وانتظرت عميرة حتى نام عرار وتسللت بالحصان إلى مكان كانت قد إتفقت مع أخيها عمير عليه مكان (فيضة )
وكان عمير ينتظرها ومعه خمسة أفراس وصاروا يجعلون مشهور يلقح الأفراس وكل ماقام بتلقيح إحدى الأفراس ألقمته عميرة قرصا مصنوع من الحنطة والسمن لكي يستعيد قوته , وهكذا أتم تلقيح أربع أفراس وأكل أربع أقراص .
وعندما هم بتلقيح الفرس الخامسة كان التعب قد حل بمشهور وتساقط السائل المنوي على الأرض ورفعته عميرة بقطعة من القطن ولقحت به الفرس الخامسة
ونجح تلقيح الأفراس الخمسة , وأنجبت كل منها مهرة أصيلة شديدة الشبه بأبيها ( مشهور ) وعندما أتمت المهرات الخمس عامها الثالث وأصبحت مستعدة للكر والفر , دارت معركة حامية بين عرار بن شهوان وجماعته و عمير بن راشد وجماعته . ولم يكن عمير يريد قتل إبن عمه عرار فهو إبن عمه وزوج أخته , بعكس عرار الذي يتحين الفرص لكي ينال من عمير.
ولما نشبت المعركة صارت المهرات الخمس تلحق بعرار وهو على ظهر حصانه ( مشهور ) أما عرار فلم يكن يستطيع اللحاق بأي من تلك المهرات .
وإنتهت المعركة وإستغرق عرار في التفكير وصار يسأل نفسه من أين لعمير بتلك المهرات !
وراعه الشبه الشديد بينها وبين حصانه مشهور . وهنا بدأ الشك يساوره فذهب إلى زوجته عميرة وسألها أنني لم أغفل عن مشهور لحظة واحدة في حياتي إلا في تلك الليلة اللتي وكلت لك فيها رعايته – فماذا حدث ... ومالذي جعله ( رابضا ) في صباح اليوم التالي بخلاف عادته !!!
فقالت له عميرة : سأجيبك إذا حطيتني بوجهك ( أي إذا وعدتني ألا تمسني بضر ) .

فقال لها عرار إني أعطيكي وجهي ومايجيك مني لاحصا ولا عصا . ومايجيك إلا اللي بين رجليني ! وكان عرار يخفي بين رجليه قيد حصانه الحديدي .
وكانت إجابة عرار فيها تورية ودهاء لم تفطن لها عميرة , فإعترفت له بما كان بينها وبين أخيها عمير ( الخطة السابقة الذكر )
ودار بينهما الحوار التالي :
قال عرار :

الــخــيــل يـامـشــهــور جــــــردا===عـلـى طـمـع وزال بالعـيـن زايـلـه

أنا على مشهـور فـي راس مرقـب===نـحـوز فــي هـداتـنـا كـــل طـايـلـه

حصاني عذاب الخيل إن كان طارد===وإن كـان مطـرود فـلا أحـد بنايـلـه

حصاني عقاب من شواذيب مرقـب===عـلـى الـكـدري هـفـا مــن مقـايـلـه

فردت عليه عميرة منشدة مفتخرة

قالـت عميـرة بنـت مـن يكسـب الثنـا===وقيـلـي حثاحـيـث القبـايـل رحـايـلـه

وقيـلـي لـمـن قـيـل وســـط مـجـلـس===تعـايـا بــه الشـعـار غـيـرأفـم قـايـلـه

ياويـل غوجـك يـوم صكـن بـه أربـع===والخـامـسـة ظنيـتـهـا مـــن سـلايـلـه

ذرعـــان قـطـنـه وأنــــا أذكــــر الله===ذرعـان غـراف عاطـشـات شوايـلـه

عليهـن بـلا جهـلا عميـر بـن راشــد===أخوي اللي تشكـي العـدا مـن فعايلـه

أخوي اللي يعـزي الجنيـن عـن أمـه===وأخوي اللي يعزي الفتى عن حلايله

أخـوي اللـي ماجابـت البيـض مثـلـه===مـاهـو بغـرجـاض يــوازي حمايـلـه

أخـوي إيـلا مشـى يمـشـي مكنـهـس===ولاهـوب صخـنـي يتـالـي قصـايـره

محني خشوم الفوس مـن شمَـخ الـذا===عمير إيـلا عيـا عـن الحـق يؤتـا يلـه

إليـا هبـت النكـبـا وقــل وبــل الحـيـا===تـلـقـى عـمـيــر كــاثــرات نـزايـلــه

لـيـل ونـهـار مـــن دخـاخـيـن بـيـتـه===وليـل ونـهـار مــن مـصـالا شعايـلـه

لاطـيــب إلا طيـبـنـا يـــاآل راشــــد===وطيبـن بـلا صبـر فــلا أحــد بنايـلـه

ولاحــرب إلا حربـنـا يــاآل راشـــد===حنا طعس رمل على كبد مـن يهايلـه

حـنـا الــذي نكـتـال بالـصـاع وافــي===والـلــي يـعـاديـنـا نـهـفــي مـكـايـلـه

=وعندما سمع عرار ذلك منها ضربها بحديد حصانه مشهور فأطاح بثنيتها , فإلتقطتها عميرة وألصقتها في ( ديد ) أحد الخيول ( أي ضرعها ) وأرسلتها إلى أخيها عمير , وأوصت الرسول بأن يطلب من أخيها أن يفحص الفرس جيدا
وفعل الرسول ماطلبته عميره , وفحص عمير الفرس ووجد ثنية عميرة في ديد الفرس وعرف بأن عرار قد فعلها .
وقصد عمير صانعا يعمل بالحدادة كان معهم وطلب منه أن يصنع له مقلاع وهو المخصص لقلع الأسنان.
وذهب عمير إلى قريبات عرار لأخذ الثار لأخته عميره وصار يقتلع بمقلاعه من كل واحدة ثنياتها . ولكن الحداد عندما جاء لإحدى الفتيات ليقتلع ثنيتها , أخطأ وإقتلع ثنيتين إثنين , وصرخت الفتاة تنادي عمير , فلما جاء وأدرك خطأ الحداد إستل سيفه على الفور وقطع رأسه.
وعندما عاد شهوان بن ضيغم والد عرار ( أمير الضياغم ) فوجىء بما فعله عمير بقريباته الضيغميات , وأنشد القصيدة التالية يتمنى فيها لوكان حاضرا لكي يأخذ بثأر تلك الفتيات اللاتي إقتلع عمير ثنياتهن :
قال شهوان بن ضيغم

ماضل عقلك ياعمير بن راشد===ماتفتـكـر والـدايـرات تـــدور

تمنيـت أنـا والـشـر ماينتمـنـى===إنـي وأبنـى عندهـن حـضـور

ليه يوم جيت والنشامـا مغيبـه===تـفـدِع بـنــات كـنـهـن بـــدور

لهـن قـدر عـنـد كسـابـة الثـنـا===وعنـد الرزايـا مالـهـن قــدور

إذا هـذا الحـرب بينـا وبينـكـم===إذبـح نـذرك ياعميـر جــزور

فاجابه عمير قائلا

ماضل عقلك ياشهـوان إبـن ضيغـم===الـقـدر مــن كــل الـفـروع يـفــور

الـعــام مـانـرضـى لـهــن مـهـونـه===والـيــوم مـانـاقـي لــهــن عــثــور

صبور على البلوى عمير بن راشد===يـامــا ذبـــح للنـاحـريـن جــــزور

علـى ضيفـه إن كــان هشـلـت بــه===وإن كـان بالوزمـة عشـاه جــزور

أنا مثل مـرداة النجـوم إيـلا هـوت===علـى قمـة تـدعـى حـصـاك نـثـور