في الدنيا سبع عجائب ، ولدينا هنا عجائب اكثر ، لمن يرصدها او يعدها او يتعرقل بها في مرات اخرى.
اذا دخلت في مشادة مع سائق تاكسي ، او بائع خضار ، قال لك بانفعال "انت ما بتعرف مع مين بتحكي" والتعبير ذاته تسمعه اذا تعاركت مع الوافد الذي يغسل سيارتك ، او بائع الورد عند اشارة المرور ، وحتى الطالب العربي الذي يدرس في ديارك.
اذا رمشت عينك بشكل خاطئ وانت عند اشارة المرور وجاءت الرمشة في وجه "المكتنزة" التي تجلس بجانب سائق السيارة التي بجانبك ، فعليك ان تتوقع اطلاق النار عليك ، لانه سيظن انك تغمز محظيته ، ولن تنفعك الاقسام انها رمشة لاسباب صحية.
اذا رفعت صوت المسجل في سيارتك بأغنية عاطفية ، ظن كل من حولك انك ترسل رسائل غرام للنسوة في سياراتهم ، واذا انصتَّ للقرآن الكريم قيل عنك "منافق" يبيع الدين على الناس ، واذا سكت قيل عنك سرحان سطلان.
اذا وقفت في سيارتك ايضا عند اشارة المرور الملعونة فعليك ان تستغفر لذنبك لانك ستلاحظ في حالات اخرى ان الجميع يجحرون بعضهم ، وحين تفر الى مقهى "رخيص" او "برجوازي" لترفه عن نفسك فسوف تكتشف ان الجميع يجحرون بعضهم ، دون سبب سوى الوجاهة المفتعلة.
تتذكر ان كل هؤلاء يفكون كشرتهم كقميص مهترئ عند صعودهم الطائرة ، وكأنها شخصية للاستهلاك المحلي فقط ، واذا فتشك "امن المطار" تبرم لسانك ووجهك ، واذا عرّاك الاشقاء العرب والاجانب من ملابسك في مطاراتهم بما في ذلك مطارات واشنطن التي تجيز تفتيش اسفل الظهر ، تسكت وتعتبر ان هناك حكمة وراء هذا التشدد.
اذا دخلت على اي محل تجاري تكتشف ان لدينا ميزة ننفرد بها عن الدنيا ، فالذي يبيعك ويأخذ فلوسك ، يحمّلك الجمائل لانه باعك واخذ فلوسك ، وتراه غاضبا دون سبب ، ولا يقول لك حتى "شكرا" ، رغم ان عليه ان يجاملك ، لا ان تجامله انت ، واذا ارسلت سيارتك لاصلاحها تدفع فلوسا لاجل تخريبها ، وننفرد بأننا الوحيدون الذين ندفع مالنا لميكانيكي جاهل ، مقابل ان يزيد الخراب في السيارة ، فيتعلم على حسابك ، بحيث يكون الدفع للتخريب وليس لاصلاح السيارة.
اذا جلست مع الف مواطن لا تسمع سوى التذمر ، وذات الالف تجد في بيت كل واحد خمسة موبايلات ، ويدخن كل واحد ثلاث علب سجائر ، واذا كنت في زحمة سيارات تكتشف ان هوايتنا هي "التزمير" بسبب ودون سبب ، فتزمر السيارة الاخيرة للسيارة الاولى ، واذا جادلت احدهم نزل عليك بالمفك والجك ، وهددك بشرطي يعرفه او نائب سابق مبطوح ، فالجميع مسنود وواصل ومدعوم ، الا انت وسط هذا الزحام.
اذا خرجت مبتسما لوجه الله ننفرد بسؤال المبتسم "ليش مبسوط" وكأنها تهمة او فعلة غير طبيعية ، واذا عاملت امرأة في طابور المخبز باحترام واعطيتها دورك لتتخلص من رواسب وارث التاريخ بأنك تتلصص على جسدها المترهل ، ظنت المرأة انك تريد ان تغازلها ، لا ان تحترمها ، واذا لم تتنازل عن دورك ظنت انك قاسي القلب مغرور ، فتخبزك المرأة مثل الرغيف الذي اشترته للتو ، في الحالتين.
اذا اشترى رجل سيارة دفع رباعي ، اشترت كل الحارة سيارات دفع رباعي ، وتلاحظون ان لدينا موضة السيارة والعدوى والتقليد الاعمى ، تارة انتشرت موجة "البي ام دبليو" فصار الاردن كله "بي ام دبليو" ، ثم عادت موضة "المرسيدس ابو قرش ونص" ، فباع كل الاردن البي ام ، واشترى "مرسيدس ابو قرش ونص" ، ثم خرجت موضة الدفع الرباعي بلونه الاسود ، فبات كل الاردن ، لا يقتني سوى الدفع الرباعي بلونه الاسود ، ولا بأس من "انتين" او اثنين ، مع زجاج غامق اللون ، لمزيد من اخافة الاخرين وارعابهم.
اذا نمت بين الثالثة والخامسة ظهرا ، لا يجعلك احد تنام ، فلا وقت عندنا للراحة او الغداء ، وكل الاوقات مستباحة ، وبعضنا يفهم ان الخلوي يسمح لك ، بقرع الجرس على رأس من تريد في اي وقت ، ومن لا يتصل بك في فترة القيلولة يمعطك مكالمة في الثانية عشرة ليلا ، ويقول بابتسامة صفراء "انا اعرف انك لا تنام مبكرا" فلا تعرف كيف يعرف ، الا اذا كان هو غطاء نومك ، ومن عجائب استخدامه ان مستخدمه يطلبك مائة مرة فلا ترد ، ولا يعرف انك ترى رقمه منذ المرة الاولى ولا تريد ان ترد لكنه يتعامل مع الخلوي باعتباره هاتفا ارضيا من الموديلات القديمة ، وانك لاترى الرقم ، فيواصل طبل طبوله فوق رأسك.
اذا ذهبت الى محل شاورما فان عرق العامل الوافد يسيل من ذقنه غير المحلوقة منذ معركة ميسلون ، وتتساقط حباته في صينية الشاورما ، وحين تعترض يقول لك ايضا ، كغيره "انت ما بتعرف مع مين بتحكي" ، فتدرك لحظتها ان العدوى وصلت اليه ، ولا ريب انه على صلة بجهات متنفذة ، سلاحه سيخ الشاورما ، فتختصر الشر ، لان سقوط العرق اهون من سقوط الدم.
اذا ذهبت لتعبئة خزان الوقود في سيارتك وطلبت تفليلها يتشاطر عليك البائع فيوصل الرقم الى بضعة دنانير ويترك كسرا ، كعشرة دنانير وسبعين قرشا ، لانه سيجعلك تخجل ولا تطلب الثلاثين قرشا ، واذا طلبت الحكومة عدم اطلاق النار في الافراح ، اطلقنا اكثر ، واذا ارتفع سعر الالبان ، زادت مبيعات الشركات ، واذا ارتدت جارتنا نظارة شمسية ، انقلب الحي الى نظارات شمسية ، بنسوته المنطلقات