لن يهدىء من روعنا، ويرش على نار قلقنا، المياه الباردة الكافية، الا عندما تتكلل الجهود بغار النجاح في تمنيع مجتمعنا وتدعيم مقاوماته أمام طوفان وأعاصير المخدرات، التي تضرب خبط عشواء، في ارواح البشر في كل مكان من معمورتنا.
نحتاج ان تطمئننا ادارة مكافحة المخدرات عن 5 أمور رئيسة :
1- أنه لا مزارع للمخدرات في بلدنا. 2- أنه لا اسماك ولا حيتان كبارا، يمتهنون هذا «الكار» الإجرامي ويتورطون في احدى حلقاته الجهنمية. 3- أن بلدنا بلد مرور وعبور للمخدرات وانها ليست مستقرا لهذا الوباء اللعين. 4- أنّ مدارسنا نظيفة من المخدرات. 5- انه لا توجد مناطق سائبة او ساخنة يتلطى فيها مروجو المخدرات.
كشفت دراسات بحثية رسمية: 1- ان معظم متعاطي المخدرات هم من المتعلمين او هم من فئة الطلبة الذين على مقاعد الدراسة. 2- ان هناك علاقة طردية قوية بين البطالة وتعاطي المخدرات. 3- ان مستوى دخل المتعاطين يدلل على ان اسرهم ليست فقيرة. 4- ان معظم مدمني المخدرات تورطوا بها عن طريق «رفاق السوء» لا عن طريق المروجين. 5- الحاجة الى اطار وطني لحماية الشباب من المخدرات.
نتابع الوضع على «جبهة المخدرات» الخطيرة، لنطمئن الى اننا نسيرعلى هدى، ووفق استراتيجية مكافحة متطورة، يتولاها رجال مدربون محترفون، وان العمل الميداني المضني والجهود العلمية المتطورة، تتم لتحقيق «الخفض» بأنواعه الثلاثة: خفض العرض وخفض الطلب وخفض الضرر، بما يستدعيه تحقيق ذلك من تشديد الرقابة على التداول والحد من جلب المخدرات والتنسيق والتعاون الأمني وتبادل المعلومات مع الاجهزة الأمنية على المستوى المحلي والعربي والدولي واستخدام الوسائل العلمية المتطورة لكشف تهريب المخدرات كالكلاب البوليسية المدربة والاشعة في كشف خبايا عشرات الالاف من الشاحنات والسيارات التي تعبر الاردن يوميا، مع ما يعنيه من فرص اكثر لتهريب المخدرات وتسريبها الى بلدنا ومع ما يلقيه هذا من اعباء هائلة على ادارة المكافحة.
تشير البيانات الى ان لدى ادارة مكافحة المخدرات نحو 130 برنامجا في مجال الوقاية والعلاج ومنع دخول هذه الآفة ومنع انتشارها، ونرتاح عندما نعلم انه تم منذ مطلع هذا العام ضبط 3125 شخصا في قضايا مخدرات وضبط نحو 8.5 مليون حبة مخدرة و1.8 طن حشيش مخدر ونحو 200 كغم هيروين وغيرها، وتم القاء اكثر من 1000 محاضرة وعدة عروض مسرحية وبرامج اذاعية ودورات ومعارض، وانه تمت معالجة 180 مواطنا، وتمت عمليات مراقبة في طول البلاد وعرضها لمشتبه بهم من التجار والزوار وتم ضبط عدة شبكات ضمت المهربين والمزارعين والمستوردين والمروجين والمتعاطين. وتتم الاستعانة بكل الوسائل المدعمة للمكافحة وتبيان خطر المخدرات وضررها كالمدرسة والجامعة والتلفزيون والاذاعة والمسرح والدراما والاندية والجمعيات ومجالس الطلبة والندوات والمناهج المدرسية والاطباء ودور العبادة ومراكز الاصلاح والتأهيل.
ويجب ان تحتل التوعية على مخاطر المخدرات حيزا مناسبا في الجهد الوطني لجبه هذا الوباء ودرء أذاه وشروره عن وطننا الآمن ومواطننا اليقظ النبيه، فعدد المتعاطين الاردنيين نحو 7000-8000، اي بنسبة 2 بالالف تقريبا، في حين ان نسبة المدمنين في السعودية هي 2 % وفي مصر نحو 4% وفي الكويت 20000 مدمن ومتعاط .ان مستوى خطر المخدرات في الاردن يشجعنا ويغرينا على مواجهة هذا الوباء الفتاك والانتصارعليه ويلقي علينا مسؤولية تطوير ادواتنا الوطنية من اجل المزيد من التحصين الوقائي لمجتمعنا ضد المخدرات ومن اجل حفظ مواطننا في اساسياته الخمس: (الدين والعقل والمال والنفس والعرض).
ويجدر ان نشير الى ان تجارة المخدرات ذات الارقام الفلكية تتولاها عصابات قتلة ومافيات عابرة للقارات لا تؤمن بوطن ولا بدين ولا بشرف ولا بحرمات ، وانها تتحرك وتنمو في مناخ العنف والارهاب والجريمة والفساد والدكتاتورية ، ولذلك نرى - حسب الامم المتحدة - ان 90 % من المخدرات تنتجها افغانستان (8200 طن) وان 40% من المخدرات تصل الى العالم عن طريق باكستان التي فيها 8 ملايين تاجر مخدرات يعملون مع شبكات المخدرات الدولية على استمرار الوضع الدموي القائم في افغانستان لضمان مصالحهم واستمرار تدفق انهار المال الى ارصدتهم. وتخبرنا معايير الانتربول والامم المتحدة ان حجم المتاح من المخدرات للمتعاطين يعادل 10 أضعاف المضبوط منها. وان انتاج المخدرات في افغانستان في تزايد بحيث بلغ عام 2009 ضعف معدل الانتاج العالمي منذ 10 سنوات.
من المؤكد ان تجارالسموم والموت الزؤام، الذين يقضون على ارواح 100 ألف انسان سنويا، لن يعفوا عن اية بقعة في الارض وانهم سيظلون يحاولون ويعملون من اجل اختراق كل المجتمعات لمزيد من البيع والكسب، ولهذا فإنه يتوجب علينا ان ندعم ادارة مكافحة المخدرات بكل الوسائل والامكانيات وان نقيم الاطار الوطني لحماية الشباب من المخدرات، لضمان ابعاد هذا الوباء عن ابنائنا فلذات اكبادنا التي تمشي على الارض.