بسم الله الرحمن الرحيم
هناك العديد من المغالطات المنتشرة بين أذهان الناس لدرجة جعلها من المسلمات ، ومن هذه المغالطات رحلة الضياغم إلى شمال الجزيرة ، والظن أن جميع الضياغم ومن ضمنهم (آل ضيغم) جماعة الأمير شهوان والأمير عرار رحلوا إلى الشمال .
وفي هذا الموضوع محاولة التقريب بين القصائد والأحداث لمعرفة حقيقة أن الذين هاجروا إلى الشمال هم (آل راشد) .
تقول القصيدة الشهيرة والتي تعدد أماكن الرحيل بدقة وتسلسل من عسير حتى جبل طيء :
رحلنا ورحّلنا مساس من القسا *** رحلنا شمالٍ والظعون تذاد
والله ماهو شفنا يوم زاعنا *** لا هو من بغضٍ وضد اطراد
شح المراعي والظما يوم ضدنا *** والبل تبا المرعى وشرب براد
فليل بضدا والضما مركيٍ لنا *** لولا خواويرٍ بهن اجلاد
وليل بحمى وحمى شحيحه مشاربه *** عليه ناسٍ بالشروب ازهاد
تواقف المظهور والناس ضيقوا *** يبغون رايٍ للنهاج سداد
صوت عليهم محمي النار للعدا *** سيروا لعدّ يذكرونه جاد
وردت عطاشٍ قريةٍ جاهليه *** ميّاحها ما يسمعون مناد
وليلة وردنا العد عدِّ آل زايد *** لا قلت هون من جمامه زاد
ضفنا وضيّفنا ابن بدران عامر *** حييت يا غمرٍ فلاحه باد
شيخٍ ذبح بالحال عشرين فاطر *** والكباش ما يعرف لهن عداد
وكثر مزاهبنا على كثر عدنا *** وخلى الجمال تشيل كل الزاد
فلا ظلٍ إلا ظل غار من الصفا *** ولا شيخٍ إلا عامر بن زياد
ما هو يكف النشر من يمّة العدا *** ونشر العدا من لا اليه ايذاد
خذينا مع أبو فقارٍ بالصخا *** عيرات الانضا سيرهن أوناد
وليلٍ بدهوٍ والحمل في نحورها *** جدادٍ اثاريهن وهن بعاد
وليلٍ بالحمل والحميل المسمى *** أثرٍ جديدٍ والعيون حداد
وليلٍ بالقمراء وليلٍ بالركا *** سقاها الحيا من بد كل بلاد
وليلٍ بماسل ومويسل وردنا *** سود المغارف غبهن إجداد
وليلٍ بالسرداح لا عله الحيا *** هشيمه دقاقٍ وحمضه ناد
وليلٍ بحدبا سوفة المعروفة *** أصبح على جو المراح سواد
وليلٍ باوشيقر فاهقين شقرا *** باع الصبايا حليهن بزاد
وليلٍ بطيء مشملين النية *** نبغي ديار بالمساس مراد
قال بعض الرواة أنها لـ(شهوان) ، والبعض أنها لـ(فارس) بن شهوان ، فأقول :
1- القائلين أنها لشهوان فهذا غير صحيح ، فالمعروف أنه غرق في السيل العظيم الذي اجتاح منازل (آل ضيغم) وأغرق الأغلبية منهم ، ولعرار قصيدة بكائية في ذلك ، وكان من ضمن الغرقى شهوان ، وهذه القصيدة تذكر رحيلهم حتى وصولهم لجبل طيء وقتال بهيج الزبيدي ، وبهذا من المستحيل أنها لشهوان .
2- القائلين أنها لفارس أيضا غير صحيح ، المعروف أن فارس غادر قبيلته في قصة مشهورة مغاضبا لأبيه قبل أو في بداية نشوب الحرب بين الضياغم ، وهذه القصيدة تذكر الانتقال من تثليث حتى جبل طيء بالتسلسل ، وبهذا من المستحيل أن تكون لفارس .
3- أقول أن هذه الأبيات لشاعر مجهول من آل راشد ، والسبب في ذلك أن فارس بن شهوان قد هاجم آل راشد وهم في (سميراء) ، و سميراء في جنوب شرق جبل طيء ، وقد سميت المعركة بالمكان (معركة سميرا) ، يقول فارس بن شهوان :
يقول العبيدي والعبيدي فارس *** مثايل من لبة القلب قايله
إلى أن قال :
جينا فريق نازلين بسميرا *** من صلب ضيغم كلهم من سلايله
ومن الإشارات على ذلك وجود نسل لشهوان في عسير هم ولد الحارث أبناء حارث بن شهوان الضيغمي .
ومن الإشارات أيضا يقول عرار :
فلا وا على لولا التمني سماجه *** أقف بنجد آمن غير خايف
وألقى عمير بالعذيبه موقف *** على شلش بيض جمال الشرايف
فهو يتمنى أن يكون في نجد قوي آمن ، ولكن الحقيقة غير ذلك فمن الواضح أن عمير وآل راشد كانوا الظاهرين على آل ضيغم ، فقد يكون قد رجع عرار أو من بعده إلى بلاده الأصلية وترك نجد .
أو أن عرار لم يستطع دخول نجد أو دخول وسط نجد بسبب آل راشد
ويقال أن هجرة الضياغم إلى الشمال كانت في القرن السابع أو الثامن الهجري ، لكني أقول أنه في القرن الثامن فشهوان ذكره صاحب بهجة الزمن في أخبار اليمن في فتح ظفار عام 678هـ حيث عدد الجيوش وذكر منهم عبيدة في 200 فارس منهم الشيخ / شهوان بن منصور العبيدي ، يقول النص : " ....... وقد تقدم معه نحو 200 فارس من عبيدة منهم الشيخ / شهوان بن منصور العبيدي " .
بهذا النص كان الضياغم في القرن السابع ما يزالون في اليمن .
وجاء في القصيدة التي أوردناها سابقا البيت القائل :
ضفنا وضيّفنا ابن بدران عامر *** حييت يا غمرٍ فلاحه باد
فلا ظلٍ إلا ظل غار من الصفا *** ولا شيخٍ إلا عامر بن زياد
وعامر بن بدران كان من أهل القرن الثامن كما رجح وأثبت ذلك الأخ الباحث / سعد الحافي ، فقد ورد ذكره في مسالك الأبصار لابن فضل العمري المتوفي سنة 749هـ : " الدواسر وشيخهم رواء بن بدران " ، و(رواء) مصحفة عن (زياد) ، كما مدحه بلقبه (الضمين) الشاعر راشد الخلاوي وهو من أهل القرن الثامن .
وبعد أن حددنا سنة الرحيل وهو القرن الثامن للهجرة يقودني ذلك إلى إشارة قوية على أن آل ضيغم على الأقل ليس كلهم هاجروا إلى الشمال وذلك أن في عام 1078هـ جرت معركة في اليمن قرب بيحان بين المعضة والأشراف وقد كانت الغلبة للمعضة .
وهذا دليل على أن هناك ضياغم ما يزالون في الجوف في اليمن .
--
وبهذا نقول أن آل ضيغم لم يهاجروا إلى شمال الجزيرة خاصة جبل طيء وما بعدها من بلاد العراق والشام ، وأقصى مدى لهم هي (نجد) .
وأن من هاجر إلى الشمال هم (آل راشد) فجزء كبير منهم دخلوا في عداد (شمر) وسميوا فيما بعد بـ(عبدة) نسبة واشتقاقا من (عبد الرب) أحد أجداد آل راشد ، أما الجزء الأخير فقد أكمل مسيرته حتى وصلوا بلاد الشام ، ومنهم الآن (الرواشدة) القاطنين في الأردن .
لتعرفوا اكثر الرجاء الدخول على هذا الرابط
http://www.abeedah.com/vb/showthread.php?t=565تحياتي
.. الترف ..